جبل الذهب وامتحان القلب :

 جبل الذهب وامتحان القلب  :






كان هناك شاب فقير يُدعى سامي ، عاش في قرية بسيطة حيث كان بالكاد يجد ما يأكله أو يشربه. وعندما ضاقت به السبل، قرر التوجه إلى السوق الكبير في المدينة لعله يجد عملاً يكفيه شر الجوع والبرد.


وصل إلى السوق منهكًا، ثيابه ممزقة، وعيناه تبحثان عن بصيص أمل بين الجموع. فجأة، تعالت الأصوات وتوقفت الحركة؛ فقد اقترب تاجرٌ غنيٌ جدًا، يركب عربة مذهّبة تجرّها الخيول البيضاء، ويلتف حوله الخدم والحراس.


ما إن رآه الناس حتى أسرعوا يركضون ويختبئون في الأزقة، فكان لهذا التاجر سمعة سيئة، لا يُؤمَن جانبه ولا يُحبّ أحد التعامل معه. لكن سامي ، الذي لم يكن يعلم عن الرجل شيئًا، بقي في مكانه يراقب بهدوء.


اقترب التاجر منه وابتسم ببرود، ثم قال: – "أيها الغلام، يبدو أنك تبحث عن عمل... ما رأيك أن تعمل لديّ بأجرٍ يومي قدره 100 روبل؟"


لم يتردد سامي  فقد كان ذلك أكثر مما يحلم به، فوافق فورًا. ابتسم التاجر، وحدد له اللقاء في صباح اليوم التالي عند رصيف المرفأ.


في الصباح كان سامي في الموعد وهناك استقل عربة التاجر وتوجّها إلى قصر فخم لا يشبه شيئًا مما عرفه في حياته، عند الغداء جلس الشاب إلى المائدة مع عائلة التاجر وتذوّق أشهى الأطعمة لأول مرة. كان ودودًا، بسيطًا، يفيض طيبة، فشدّ ذلك انتباه ابنة التاجر التي لم تفارق عينيها وجهه طوال الطعام.


وفي الليل طلب التاجر من سامي  أن يبيت في غرفة الضيوف قائلاً إن العمل سيبدأ غدًا وما إن حلّ الظلام حتى جاءت الفتاة إليه خفية وأعطته حجرًا من الصوّان وآخر من الذهب وهمست: لا أعلم ما الذي ينوي أبي فعله لكن خذ هذين الحجرين فقد تحتاج إليهما في يومٍ ما.


في صباح اليوم التالي، قاد التاجر سامي  إلى جبل الذهب وهو جبلٌ أسطوريّ لا يصله أحد إلا بصعوبة، وهناك قال له: فلنشرب نخب الشجاعة قبل أن نبدأ العمل.


أعطاه شرابًا مسمومًا جعله ينام نومًا عميقًا ثم ذبح خروفًا شقّ بطنه وأدخل جسد سامي فيه ثم خاطه بإحكام، بعد ذلك اختبأ خلف الأشجار يراقب حتى جاءت النسور السوداء وحملت الخروف إلى قمة الجبل.


وهناك، مزّقت النسور الخروف، وكادت تفتك سامي، لكنه استيقظ في اللحظة المناسبة وأبعدها بعناء. نهض وهو يتساءل بدهشة: – "أين أنا؟"


ظهر التاجر في أسفل الجبل ونادى عليه: أنت على قمة جبل الذهب خذ الفأس واستخرج لي الذهب ودحرجه إليّ فأنا لا أستطيع الصعود!


نفّذ سامي المطلوب، وجمع أكوامًا من الذهب وساقها إلى الأسفل، حتى امتلأت عربات التاجر عن آخرها. 

ثم صرخ التاجر ساخرًا: شكراً أيها الغبي... لقد حصلت على ما يكفيني، أما أنت، فستبقى هناك إلى الأبد!


صُدم سامي وقال:  وأنا؟ كيف سأعود؟


ضحك التاجر وقال: قبلك تسعة وتسعون رجلاً لم يعودوا ومعك أصبحوا مائة، وغادر المكان تاركًا الشاب على الجبل البعيد محاطًا بالهاوية من كل جانب والموت ينتظره إذا خطا خطوة خاطئة.


جلس سامي وسط الصخور وتملكته الحيرة ثم تذكّر الحجرين فأخرج حجر الصوّان والذهب وطرق أحدهما بالآخر فتطاير الشرر وظهر أمامه بابٌ سحريٌ صغير منقوش عليه: لصاحب القلب الصادق فقط.


دفع الباب فُتح، فإذا به يؤدي إلى مغارة منيرة تمتلئ بالكنوز، وفي وسطها تمثال نوراني نطق قائلاً: من ساعد ظالمًا وظن أنه سينال الخير وقع في حفرة الغدر، لكن صدق النية والطيبة الصافية لا يضيعها الله أبدًا.


وهكذا، عاد سامي إلى قريته بعد أن خرج من الجبل عبر طريق سري يحمل معه قليلاً من الذهب لا أكثر لكنه حمل درسًا أعظم من كل الذهب: لا تُفتن ببريق المال، ولا تثق بابتسامة من يخفي خنجره خلف ظهره.


العبره : 

في هذه الحياة، ستقابل من يعِدك الذهب وهو يهيّئ لك الخداع، ومن يبتسم في وجهك ويطعنك في ظهرك، لكن صدقك، ونيّتك الطيبة، وما تزرعه من الخير، سيعود إليك يومًا، حين تشتد عليك الطرق.


فلا تتغيّر لأجل قلوب غدرت بك، ولا تخف من ظُلم أناسٍ نسيوا أن الله لا ينسى. وكن مثل سامي ،فقيرًا في المال، غنيًا في القلب.

وفي نهاية الرحلة ستكون أنت الرابح الحقيقي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدهون الصحية

النوم الصحي

الرياضة وفوائدها